دراسة: الفقراء يشيخون بسرعة ويتعرضون لمخاطر صحية أكبر من الأغنياء

دراسة: الفقراء يشيخون بسرعة ويتعرضون لمخاطر صحية أكبر من الأغنياء



كشفت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين يتمتعون بظروف اجتماعية واقتصادية جيدة، مثل مستويات التعليم المرتفعة أو الدخل المرتفع، يعانون من شيخوخة بيولوجية أبطأ ويواجهون مخاطر أقل للإصابة بالأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر مقارنة بأقرانهم من الفئات الأقل حظًا اجتماعيًا واقتصاديًا.




وتطرقت الدراسة، التي نُشرت في دورية "نيتشر ميديسن"، إلى التأثير المباشر للفوارق الاجتماعية على عملية الشيخوخة البيولوجية. من خلال تحليل مستويات بعض البروتينات في الدم المرتبطة بالشيخوخة والالتهابات والجهاز المناعي، أظهرت النتائج أن 66 مرضًا مرتبطًا بالشيخوخة تتأثر بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد. وبالمقارنة مع الأشخاص من الفئات الاجتماعية الميسورة، كان لدى الأشخاص من الفئات الأقل حظًا زيادة في خطر الإصابة بهذه الأمراض بنسبة تصل إلى 20%.




وأظهرت الدراسة أيضًا أن الأشخاص من الفئات الأكثر فقراً يعانون من الأمراض المرتبطة بالعمر بعد 15 عامًا فقط من الأشخاص الأكثر ثراءً الذين يواجهون هذه الأمراض بعد 20 عامًا. وفيما يتعلق ببعض الأمراض، مثل داء السكري من النوع الثاني، وأمراض الكبد، وأمراض القلب، وسرطان الرئة، والسكتات الدماغية، كان خطر الإصابة بهذه الأمراض أكثر من الضعف لدى الفئات الأكثر حرمانًا مقارنة بالفئات الأكثر رفاهية.




ركزت الدراسة على تحليل مستويات 14 بروتينًا بلازمياً مرتبطة بالشيخوخة، وأظهرت أن هذه البروتينات تتأثر بشكل مباشر بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد. وأوضح الباحث توني ويس-كوراي، المؤلف المشارك في الدراسة من جامعة ستانفورد، أن عملية الشيخوخة تنعكس على تكوين البروتينات في الدم، وأن هذه البروتينات تشمل مجموعة من المؤشرات الحيوية التي تساهم في فهم كيفية تأثير الفروق الاجتماعية على سرعة الشيخوخة.




وأكد الباحثون أن هذه البروتينات تلعب دورًا مهمًا في تنظيم الاستجابات الالتهابية والإجهاد الخلوي، وقدّروا أن حوالي 39% من انخفاض خطر الأمراض المرتبطة بالعمر لدى الأشخاص ذوي الظروف المعيشية الجيدة يعود إلى هذه البروتينات. كما أشارت الدراسة إلى أن التحسن في الوضع الاجتماعي قد يكون له تأثير إيجابي على الشيخوخة البيولوجية. على سبيل المثال، الأشخاص الذين انتقلوا من مستويات تعليمية منخفضة في طفولتهم إلى وضع اجتماعي واقتصادي أفضل في مرحلة البلوغ، كان لديهم تركيزات بروتينية أكثر صحة مقارنةً بمن بقوا في أوضاع معيشية منخفضة طوال حياتهم.



ومع ذلك، يؤكد الباحثون الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم الآلية الدقيقة التي تربط العوامل الاجتماعية بعملية الشيخوخة البيولوجية. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحدد السبب المباشر الذي يجعل الرفاهية الاجتماعية تبطئ الشيخوخة، إلا أن هناك دراسات سابقة تشير إلى أن العوامل مثل التوتر المزمن، والصحة النفسية، والتعرض للتلوث والسموم، بالإضافة إلى العادات الصحية مثل التدخين، وتعاطي المخدرات، والنظام الغذائي، وممارسة الرياضة، فضلاً عن الوصول إلى الفحوصات الطبية والعلاجات الوقائية، تلعب دورًا كبيرًا في عملية الشيخوخة.



وفي دراسة سابقة نشرت الشهر الماضي، وجد نفس الفريق البحثي أن اختبارات الدم التي تحدد مدى شيخوخة أعضاء الجسم يمكن أن تتنبأ بخطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر قبل عقود من ظهورها، مما قد يساعد في تطوير استراتيجيات وقائية تستهدف الأشخاص الأكثر عرضة للشيخوخة المبكرة.




وختم الباحثون بأن تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية قد يكون مفتاحًا لإبطاء عملية الشيخوخة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر. كما أن التقدم في أبحاث البروتينات والشيخوخة البيولوجية قد يسهم في تصميم اختبارات دم متطورة لرصد الشيخوخة المبكرة وتقديم التدخلات الوقائية للفئات الأكثر عرضة للخطر.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال