تونس: ''صمصة'' فاخرة بـ 280 دينار تثير الجدل "سوم الكيلو قد غرام ذهب"



يُعتبر شهر رمضان دائمًا موسمًا تزدهر فيه التقاليد الغذائية وتبرز فيه الحلويات الفاخرة التي تضيف لمسة خاصة على موائد الإفطار والسحور. وفي هذا السياق، أصبحت الصمصة، الحلوى التونسية الشهيرة المكونة من المكسرات، محورًا رئيسيًا للجدل هذا العام بعد أن تصدّر سعر الكيلوغرام منها 280 دينارًا في إحدى المحلات الفاخرة في منطقة المرسى. هذا السعر المرتفع أثار موجة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من التونسيين عن استيائهم من الظاهرة.


ردود فعل حادة على وسائل التواصل الاجتماعي:


على مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت ردود الفعل حادة وغير متوقعة، حيث علّق أحد المستخدمين قائلاً: "هذا السعر غير معقول، إنه أشبه بجنون الأسعار!"، ورافق تعليقه صورة للحلوى الفاخرة التي بدا أن سعرها لا يتناسب مع قيمتها الغذائية أو مع الإمكانيات الاقتصادية للأسر التونسية في الوقت الراهن.


سرعان ما انتشرت هذه المنشورات، وأثارت موجة من الانتقادات الحادة حول ما سُمي بـ "سوق المنتجات الفاخرة"، الذي يبدو أنه منفصل تمامًا عن الواقع الاقتصادي الذي يعيشه التونسيون. هذه الظاهرة التي باتت تتزايد في السنوات الأخيرة، تظهر بشكل واضح التفاوت بين الفئات الاجتماعية في تونس، حيث يُنظر إلى هذه المنتجات كرمز للمكانة الاجتماعية الرفيعة.




في ظل الأزمة الاقتصادية والتضخم الذي يثقل كاهل الأسر التونسية، وخاصة في شهر رمضان الذي يعتبر شهرًا مقدسًا يستهلك فيه التونسيون جزءًا كبيرًا من ميزانيتهم في شراء الأطعمة والحلويات، أبدى العديد من المواطنين استغرابهم من الأسعار المبالغ فيها. علّق أحدهم ساخرًا: "280 دينارًا؟ نتحدث عن سمسة أم كافيار؟". بينما أضاف آخر: "سوم الكيلو قد غرام ذهب". وقال آخر: "مع هذا السعر، يجب أن نصبح مساهمين في المحلّ!" في إشارة إلى حجم المبالغ التي يتطلبها شراء هذا المنتج الفاخر.




واتهم البعض هذه الظاهرة بأنها تعكس المبالغة في المظاهر الاجتماعية والتفاخر غير المبرر، حيث أشار أحد المستخدمين إلى أن "البعض يشتري هذه المنتجات لإبراز قدرته على دفع هذه الأسعار، مما جعل هذه الحلوى رمزًا للمكانة الاجتماعية" . كما أضاف تعليق آخر: "طالما هناك من يشتري، سيستمرون في رفع الأسعار". هذه الظاهرة أضحت جزءًا من ثقافة التفاخر التي تنمو في بعض الفئات الاجتماعية، مما يثير تساؤلات حول استدامتها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.


سخرية على هذه الأسعار:


ولم تخلُ التعليقات من السخرية اللاذعة، حيث كتب أحد المستخدمين: "هذه ليست حلوى، إنها مجوهرات!"، في حين تساءل آخر: "صمصة مغطاة بالذهب أم ماذا؟!أو "مع هذا السعر، من المفترض أن تحصل على شيء مميز مقابل هذا المبلغ!"، مما يعكس حالة من الاستياء والدهشة لدى التونسيين من الأسعار المبالغ فيها في الوقت الذي يعانون فيه من ضغوط اقتصادية.



ومع ذلك، دافع بعض المستخدمين عن هذه الأسعار المرتفعة، مشيرين إلى ارتفاع تكلفة المكونات التي تدخل في تحضير الحلوى، مثل اللوز والبندق والفستق، وهي مكونات تُعتبر غالية الثمن في السوق. قال أحد العملاء: "بعض أنواع الشوكولاتة المستخدمة تكلف 200 دينار للكيلو، فلماذا الاستغراب؟" وهو ما يعكس محاولات لتبرير الأسعار بناءً على ارتفاع التكلفة الإنتاجية.


لكن بالنسبة للأغلبية، تبقى هذه الأسعار غير منطقية في بلد لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور 450 دينارًا، وهو ما يجعل العديد من المواطنين يعبرون عن استيائهم الشديد. قال أحد الزبائن: "هناك بعض المكونات، مثل الشوكولاتة الفاخرة، التي تصل أسعارها إلى 200 دينار للكيلو، لذا ليس من المستغرب أن تكون الأسعار مرتفعة"، مما يعكس محاولات لتبرير هذه الأسعار بسبب زيادة تكلفة المواد الخام.. هذا التفاوت في الأسعار يظهر بشكل جلي الانقسامات الاجتماعية في المجتمع التونسي.


هل ستؤدي الأسعار إلى المقاطعة؟

وسط هذه الموجة من الانتقادات، دعا العديد من مستخدمي الإنترنت إلى مقاطعة هذه الحلويات باهظة الثمن. أشار البعض إلى أن "الإشكالية لا تكمن في البائعين، بل في الزبائن الذين يقبلون على شراء هذه المنتجات بأسعار مرتفعة".، بينما شجع آخرون على العودة إلى التقاليد العائلية التي تقتصر على تحضير الحلويات في المنزل. "بصراحة، حان الوقت لإعادة ارتداء المئزر وتحضير الحلويات بأنفسنا في المنزل", كما قال أحد المتابعين، مما يعكس رغبة في العودة إلى البساطة والاقتصاد المنزلي في ظل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.


منتج مخصص للفئة الراقية أم انعكاس للتفاوت الاجتماعي؟


هل تُعتبر هذه الحلوى الفاخرة مجرد منتج مخصص للأثرياء، أم أنها تمثل صورة لزيادة الفجوة الاجتماعية في ظل تفشي البطالة والفقر؟ ما هو واضح أن هذه الحادثة تسلط الضوء على الفوارق الاجتماعية المتنامية في تونس. حيث تتزايد الفجوة الاقتصادية بين مختلف الطبقات الاجتماعية. يطرح هذا الجدل العديد من الأسئلة حول استدامة هذه الظواهر في مجتمع يعاني من الأزمات الاقتصادية والمالية المتواصلة، ويظل السؤال المطروح: هل ستستمر هذه الظواهر أم ستنتهي في ظل التوعية المجتمعية حول ضرورة التوزيع العادل للموارد والمساواة الاجتماعية؟




أحدث أقدم

نموذج الاتصال