شهدت ولاية بنزرت، صباح اليوم الإثنين، حادثتين مروريتين منفصلتين ولكن مرتبطتين بسياق واحد، تمثل في احتفالات التلاميذ باجتياز اختبار مادة التربية البدنية المعروف بـ"الباك سبور"، وهو أحد الامتحانات الرسمية التي يخضع لها تلاميذ السنة النهائية من التعليم الثانوي في تونس. وقد أسفرت هاتان الحادثتان عن وفاة تلميذة في مقتبل العمر، بالإضافة إلى إصابة 12 تلميذًا آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
وقعت الحادثة الأولى بمنطقة الكورنيش، وهي إحدى المناطق الساحلية المعروفة في مدينة بنزرت، حيث كانت مجموعة من التلاميذ تستقل سيارة في إطار ما يُعرف بـ"كورتاج الباك سبور"، وهو تقليد غير رسمي دأب عليه التلاميذ للاحتفال بطريقة عفوية ومتحمسة عقب الانتهاء من امتحان التربية البدنية. وقد كانت السيارة تقلّ سبعة تلاميذ، وبينما كانت تمرّ عبر أحد المنعرجات، فقد السائق السيطرة عليها، مما أدى إلى انقلابها.
وقد كانت الحصيلة الأولية للحادث مأساوية، حيث توفيت إحدى التلميذات على عين المكان، بينما أصيب بقية الركاب الثمانية بجروح تتراوح بين البليغة والمتوسطة. وتم نقلهم على وجه السرعة إلى المستشفى الجامعي الحبيب بوقطفة ببنزرت، حيث تم تسخير كافة الإمكانيات الطبية واللوجستية لتقديم الإسعافات اللازمة.
أما الحادثة الثانية، فقد وقعت بالتزامن تقريبًا في منطقة سيدي أحمد، غير بعيد عن مكان الحادث الأول، حيث كانت سيارة أخرى تقل خمسة تلاميذ في إطار نفس "الكورتاج" الاحتفالي. وقد تعرضت هذه السيارة أيضًا لحادث مرور، مما أسفر عن إصابات في صفوف التلاميذ، استوجبت بدورها تدخل وحدات الحماية المدنية ونقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وفور الإبلاغ عن الحادثين، تحركت فرق الحماية المدنية بسرعة إلى مكان وقوعهما، حيث تم تأمين مواقع الحوادث ومنع حدوث ازدحام مروري، في حين تولّت سيارات الإسعاف نقل المصابين إلى المستشفى الجامعي الحبيب بوقطفة، وهو من أكبر المؤسسات الصحية في الجهة، ويضم طواقم طبية وشبه طبية متخصصة في الحالات الاستعجالية.
وأكدت مصادر طبية من المستشفى أن الإصابات متفاوتة الخطورة، وتتطلب بعضها المتابعة الدقيقة، فيما تم وضع عدد من التلاميذ تحت المراقبة الطبية لتفادي أي مضاعفات محتملة.
ويُعدّ اختبار "الباك سبور" مناسبة هامة في المسار الدراسي لتلاميذ البكالوريا في تونس، إذ يُجرى عادة في بداية الفصل الدراسي الثالث، ويُعتبر بالنسبة للكثيرين مناسبة للاحتفال بالتقدم خطوة مهمة نحو امتحان الباكالوريا النهائي. وغالبًا ما تشهد المدن التونسية خلال هذه الفترة مظاهر احتفالية عفوية، من بينها تنظيم مواكب سيارات تُعرف بـ"الكورتاج"، يشارك فيها التلاميذ وهم يطلقون أبواق السيارات ويعبّرون عن فرحتهم.
غير أن هذه الاحتفالات، التي كانت تُعدّ في وقت من الأوقات بريئة وعفوية، تحوّلت في بعض الحالات إلى سلوكيات متهورة قد تؤدي إلى حوادث خطيرة، كما حصل في بنزرت اليوم.
إثر الحادثتين، تعالت الأصوات المطالبة بضرورة تنظيم هذه الاحتفالات والحد من ظاهرة "الكورتاجات" التي تتسبب في الكثير من الحوادث سنويًا. وقد عبّر عدد من أولياء الأمور عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن صدمتهم وغضبهم، داعين الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات وقائية، سواء عبر حملات توعية في المعاهد أو من خلال تشديد الرقابة المرورية على الطرقات خلال فترة "الباك سبور".
يجدر بالذكر أن أكثر من 140 ألف تلميذ من مختلف ولايات الجمهورية التونسية، شاركوا اليوم في اختبارات مادة التربية البدنية، والتي تمثل محطة أولى في مسار امتحانات البكالوريا. وتُجرى هذه الاختبارات عادة في ملاعب رياضية تابعة للمعاهد الثانوية، تحت إشراف لجان تقييم مختصة، وتُمنح على أساسها علامات تُحتسب ضمن المعدل النهائي للباكالوريا.
ورغم الطابع الرسمي لهذه الاختبارات، إلا أن فرحة التلاميذ بانتهائها تدفع الكثيرين إلى الاحتفال بطرق عشوائية وخطيرة، مما يستوجب مراجعة التعاطي مع هذه الظاهرة بجدية أكبر.
Tags
أخبار متفرقات